نقد المعري يريك مبلغ غنى الرجل ووفرة محصوله من اللغة، وكيف أحاط بها من جميع أقطارها، ما يكاد يجل على علمه فيها جليل، أو يدق عن فهمه منها دقيق. وتراه في نقده يصرف إلى اللغة أجل همه، على أنه لافت صدراً منه إلى النقد العروضي ما أصاب موضعاً للإنتقاد. أما نقد المعاني وتفقد وجوه الحسن والقبح، والإشارة إلى ما في نظم الكلام وما يتهيأ له من القوة والسلاسة، أو الترهل والفسولة، فذلك ما لا يكاد يعني المعري لا كثيراً ولا قليلاً.
على أنه مما يلحظه مطالع المعري الناقد، أنه كثيراً ما ينكر الأمر على الشاعر. ويكشف عن جهة الخطأ فيه. ولكنه سرعان ما يدور من هنا ومن هنا في طلب المخرج والتماس الوجه. وكذلك ترفق أشد الترفق بالبحتري في نقد ديوانه، وإن سماه ” عبث الوليد “.
عبد العزيز البشري
1886 - 1943
كاتب مصري، درس في الأزهر وعمل بعد تخرجه في مناصب عدة، كان آخرها في مجمع اللغة العربية، لقبه جاحظ العصر الحديث. وكان مراقباً وإدارياً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة. كتب في المجلات، جمع ما كتبه من مقالات في كتب، منها قطوف، وفيه صوّر ألوان التفكير المصري وبيئاته. وكتاب المختار وهو مجموعة من مقالات في الأدب والوصف والتراجم.