قد يكون في شعراء العرب من هو أشعر من أبي العلاء، وقد يكون في كتابهم من هو أكتب منه، ولكن ليس فيهم من رمى من وراء أدبه إلى غاية أنبل من غاية أبي العلاء الذي لم يكن أدبه أدب المستجدين، ولا أدب الغواة المستهترين الذين يهيمون بالفن للفن، بل كان أدب من يعتبر نفسه صاحب رسالة يدعو إليها، ويناضل عنها، ويقيم الدليل عليها، بمختلف الوسائل والأساليب، شعراً ونثراً.
أدب أبي العلاء أدب إنساني سام شامل، تخطى حدود الأجناس والأديان والعصور، فاشترك في إكباره جميع الأجيال، وقد يفهم منه ابن هذا العصر ما لم يفهمه القدماء، وستفهم الأجيال الآتية، ما لم نفهمه نحن في هذا العصر، فكلما تحرر العقل، وسمت المدارك، وتهذبت النفس، ازداد الإعجاب بأدب أبي العلاء.
خليل مردم بك
1895- 1959
شاعر دمشقي وكاتب ووزير سوري، ولد في دمشق من أسرة دمشقية عريقة، تعلم التركية والانكليزية، ودرس الأدب العربي في الكلية العلمية الوطنية بدمشق، تقلّد عدة مناصب سياسية وعلمية، عين وزيراً للخارجية، ثم رئيساً لمجمع اللغة العربية في دمشق. وهو مؤلف النشيد الوطني السوري (حماة الديار).