انتهى المحدثون إلى أن أبا العلاء كان فيلسوفًا حقاً. وأن المسلمين لم يعهدوا بينهم في قديمهم وحديثهم فيلسوفًا مثله، قد جمع بين الفلسفة العلمية والعملية. ولكن هذه الشخصية القوية العنيفة التي صدر عنها ذلك الأدب الغزير، واختلجت جوانح صاحبها بأشتات الخواطر والمعاني في جميع فروع المعرفة، وأقسام الفلسفة، لا تزال موضعاً للدرس، ومجالا للبحث، وهذه محاولة جديدة لفهم الكيان النَّفسي لأبي العلاء، وإدراك العوامل المؤثرة في حياته وتوجيهها، وتقدير شخصيته العامة على أساس من الواقع الجسمي والنفسي للرجل دون إسراف في الفروض، ولا ذهاب في الاعتبارات الادعائية إلى حد بعيد … وكأنَّما اطلع أبو العلاء بظهر الغيب إلى هذه المحاولة الجديدة في فهمه يوم قال:
يكررني ليفهمني رجال كما كررت معنى مستعادا
وإذ قد ولع المحدثون بوصف الرجل بالفلسفة، ودعوه الشاعر الفيلسوف، وحكيم الشعراء، وشاعر الحكماء، وإمام الحكماء وأشباه ذلك، فإنَّا نُدير القول على أساس من التقسيم الفلسفي.
أمين الخولي
1895 - 1966
عالِمُ دِينٍ وأديبٌ وسياسيٌّ مِصْري، ومثقف موسوعي، من كبار حماة اللغة العربية. حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره وتخرج من مدرسة القضاء الشرعي في القاهرة. وهو عضو في المجمع اللغوي فيها. أتقن الإيطالية والألمانية وتقلد عدة مناصب سياسية وعلمية. تميز بالجرأة والأصالة واقتحَمَ معاركَ التجديدِ لبعضِ القَضايا المعاصِرةِ حتى لُقِّبَ بإمامِ المُجدِّدِين، وهو زوجُ الأديبةِ المصريةِ عائشة عبد الرحمن “بنت الشاطئ”.
أشهر مؤلفاته كتابه (المجددون في الإسلام). وهو القائل: “أول التجديد قتل القديم بحثاً وفهماً ودراسة”.