وإذا كان المعري – كما يبدو لنا اليوم – يمثل ذروة المعرفة العربية باللغة والشعر وتاريخهما فان احترام نصوصه الكبرى لا يكون ببترها وتشويهها، كما أنه لا يكون اطلاقاً بتحريفها وسوء تأويلها وقلب استراتيجيتها في الخطاب والبرهان، فقد كتب رسالته دفاعاً بليغاً عن حكمة الشعراء وعلم اللغويين، مارس فيها حصافة نادرة، وحرية مدهشة في التخيل المبدع والسخرية اللاذعة من منطق الجهل والتعصب الذميم، ليؤسس من تقاليد الفكر والفن وأخلاقيات العلم موقفاً متقدماً على عصره، متناغماً مع ما يدعو إليه عصرنا من سماحة وحب، وفهم ومودة. وأحسب أن قراءته بهذا المنظور الحضاري تجعل أدبه كله درساً عميقاً للثقافة الإنسانية في أجمل تجلياتها الخلاقة.

صلاح فضل

1938

كاتب، ومترجم مصري. عمل كمدرس في جامعات القاهرة والأزهر وعين شمس في مصر، وكذلك الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك. بالإضافة إلى جامعة صنعاء في اليمن والبحرين. أثرى المكتبة العربية من خلال إصدار مؤلفات في مجال الأدب والنقد الأدبي والأدب المقارن. اشتغل مع المجلس الأعلى للبحث العلمي في اسبانيا للمساهمة في إحياء التراث الفلسفي لابن رشد.

المزيد من قيل في المعري

  • نبذة عن محمد حسن هيكل

    قال محمد حسن هيكل

    وقد نقل المعري الشعر العربي في عصره نقلة واسعة المدى، حمّل الشعر من المعاني الفلسفية العميقة ومن الآراء النظرية المتباينة، ما لم يسبقه إليه غيره من شعراء العرب إلا لماماً. وقد اتهم لذلك بالزندقة آناً، وبالإلحاد آخر، على حين اعتبره قوم على رأس أشد المؤمنين غلواً في إيمانهم. ولا عجب [...]

    المزيد..
  • نبذة عن هنري لاووست Henri Laoust

    قال هنري لاووست Henri Laoust

    إن أبا العلاء في لزومياته يذكر اختلاف الناس وتنازعهم في شؤون الدين والدنيا استهزأ لاختلاف الفقهاء في التحليل والتحريم وفي الاستحسان والاستنكار كما أنه استهزأ لاختلاف المتكلمين في نظرياتهم فإنه لو كان في إمكانه أن يشاهد من عالم الغيب اختلاف الناس في شأنه بعد موته لأضاف أبياتاً جديدة إلى لزومياته [...]

    المزيد..
  • نبذة عن عبد الحميد العبادي

    قال عبد الحميد العبادي

    ظهرت الرواية التاريخية العربية في القرن الأول الهجري ثم نمت نمواً مطرداً وتنوعت تنوعاً بيناً في القرون الثلاثة التالية... لا شك أن أبا العلاء اطلع على جل هذه الكتب إن لم يكن اطلع عليها كلها، فقد كانت في متناول يده في مكاتب المعرة واللاذقية وحلب ودار العلم ببغداد ولا أدل [...]

    المزيد..