لماذا أبو العلاء المعري.. الآن؟!
نجم الدين السمّان
كاتب وناقد سوري
لأن صوت العقل لا يُسمَعُ حين تُقصَفُ المُدُن؛ ويُهجَّر السوريون؛ و يتواطأ العالم صمتاً أمام دماء السوريّين الساعين للعدالة؛ أو اكتفاءً بالتصريحات!. ولأن العقلَ إمامُنَا؛ وليس لنا مِن إمامٍ سِوَاه؛ اخترنا شاعِرَنا السوريّ الفيلسوف؛ وقد وَهَبَ حياتَهُ لسؤال العقل و لسؤال الوجود؛ ليكون مرآتنا في الدرب الطويل نحو الحرية من الاستبداد؛ ونحو دولةٍ مدنيّةٍ ديمقراطيةٍ لكلّ السوريين.
للمعرِّي في وجداننا السوريّ مَنزِلةٌ تُشبِه منزلةَ “ابن رشد”؛ كما تُشبه منزلةَ “أرسطو” لدى كلِّ شعوبِ الأرض؛ وتُشبِه منزلةَ “فولتير” عند الفرنسيين؛ و”غوته” عند الألمان؛ بل إننا نعتبره مُعلِّمَ “دانتي أليغري” الإيطاليّ الذي استلهم رسالة الغفران للمعرّي في كوميدياه الإلهية.
تعالوا معنا.. نحتفي بِمَن قالَ يوماً:
لنستعيدَ بلدنا من دمارها؛ ومدينةَ شاعرنا: معرّة النعمان؛ التي احتلّها ودمَّرها على التوالي: الآشوريون؛ والفراعنة؛ واليونانيون؛ والفرس؛ والرومان؛ والبيزنطيون؛ والصليبيون؛ وهولاكو؛ وتيمورلنك؛ والمماليك؛ وجيش ابراهيم باشا بن محمد علي الكبير؛ ثمّ.. العثمانيون؛ واحتلّها الفرنسيون؛ ويحتلّها اليومَ طاغيةٌ بعد أن دمّرها.
وكان المعرّي قد عاش مثلنا.. حقبةً اتسمت بتدمير الحجر ونهش أرواح البشر؛ فحين حاصرَ مدينته صالحُ بن مِردَاس الذي حَكَمَ حلبَ بعد الحمدانيين؛ وضرب بالمنجنيق قلعتها.. خرج له أبو العلاء فحاوَرَه حتى عَدَلَ ابنُ مرداس عنها.. وتلك من المرَّات النادرة في التاريخ:
أن يُنقِذَ شاعرٌ مدينته من العدوان!.
لماذا نستحضر أبا العلاء المعريّ.. الآن؟.
وبجوابٍ.. مُختصَر:
لنستعيدَ بصيرَتنا؛ تلك العينَ الثالثة في الجبين فوق كلّ عينين: عين العقل.