إن القرون العديدة التي مرت منذ وفاتك لم تزد مبادئك إلا سمواً وتعاليمك إلا قوة ورسوخاً، فديكارت لم يزد على أن كرر للعالم ما دعوته إليه مئة مرة عن تقديس العقل وتمجيده وتحكيمه في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الدنيا والدين على السواء، وكلمته الشهيرة ( أنا أفكر، إذن أنا موجود ) ليست إلا تكراراً غير مقصود لكثير من أمثال قولك:
سَأَتبَعُ مَن يَدعو إِلى الخَيرِ جاهِداً وَأَرحَلُ عَنها ما إِمامي سِوى عَقلي
وروسُّو لم يزد في دعوته إلى الإصلاح السياسي على أن أيد آراءك وكرر أقوالك ودعا الناس إلى اعتناق تعاليمك، إذ كل ما دعا إليه في هذا الباب أو جله هو أن يتمتع الناس جميعاً بحرية الفكر والقول والعمل وأن يكونوا متساويين في الحقوق والواجبات وأن يكون الشعب مصدر السلطات جميعاً إليه يرجع الحكام فيما يدبرون من شؤونه ويصرفون من أموره.
مهدي البصير
1895 - 1974
سياسي وخطيب وشاعر ثائر ومترجم ومدرّس عراقي. ولد في الحلة ونشأ فيها، فقد بصره متأثراً بمرض الجدري وكان في الخامسة من عمره. درس في جامعة آل البيت في بغداد وتابع دراسته في الأدب العربي في مصر.. أوفد إلى مونبلييه في فرنسا، ونال منها شهادة الدكتوراه في الأدب الفرنسي. لقب بشاعر ثورة العشرين لامتياز شعره بالقوة وروعة الوصف وبراعة الاستهلال.