ظلموا الرعية واستجازوا كيدها وعدوا مصالحها وهم أجراؤها
كلمته هذه مع صراحتها لم يتضح معناها جلياً إلا في العصور المتأخرة عندما ذر قرن الديمقراطيات في الغرب… وسيبقى كثير من شعر أبي العلاء المعري كامن في المعاني إلى أن تفسره أعمال الأجيال المقبلة وأحوالها لأن الرجل كان ينظر إلى الحقائق بمجهر متقن الصنع فيرى الكثير مما يخفى على غيره ولا يظنن ظان أننا عندما نكبر في أبي العلاء عقله الجبار وعبقريته الفذة ندعو إلى اعتناق مذاهبه كلها لأننا إذا أكبرنا فيه إكباره للعقل وشغفه بالخير ودعوته إلى الحرية على اختلاف ضروبها والعدالة والمساواة بأدق مقاييسها وإلى التحلي بكل خلق كريم والتخلي عن كل عمل رذيل.
وإذا أكبرنا فيه اتساع معارفه في علوم الكون والشرائع وفنون الآداب، فإننا لا ندعو إلى اعتناق مذاهبه في الحياة المتقشفة الجافة وهجر جميع متع الحياة.
طه الراوي
1890 - 1946
أستاذ جامعي وكاتب وشاعر عراقي. درس الحقوق في بغداد،. ويعد من أعلام النهضة العراقية في القرن العشرين ومن الشخصيات المربية والرائدة المؤثرة في جيل من الأدباء والعلماء. وهو أحد المشاركين في المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري في دمشق 1944 .. له مؤلفات هامة في التاريخ والأدب.