ومن خصائص أبي العلاء التي لم تجل فيها الأقلام جولتها في شاعريته أو عقيدته، أنه كان لغوياً حقيقياً بهذه الصفة في أوسع دلالاتها، فمنظومه ومنثوره يشهدان أنه قد وسع اللغة مبحثاً ولفظاً، وبعد شأوه فيها رواية وحفظاً. إلا أنه يزيد على ذلك أنه قد أودع ما انتهى إلينا من جمهرة آثاره المنثورة، أطرافاً من المباحث تقطع بأنه قد شارك اللغويين في علمهم وتصرفهم، وجاذبهم الرأي في موضوعات النحو والتصريف والاشتقاق. فما هو بمستمع إلى اللغة لتخلص له زبدتها، تمكيناً لقوله من السلامة، وتوسلاً إلى عصمة لسانه من الخطأ. ولكنه يتروى أصول الألفاظ وصورها، وينفذ إلى موالج الإشتقاق ومخارجه، ويدلي دلوه فيما حول ذلك من ضروب التفصيل، وفنون التأويل، وما يزال كذلك حتى يخرج: إما بالترجيح بين الآراء والإختيار، وإما بالابتكار.
توفيق رفعت
1870 - 1944م
ولد في القاهرة والتحق بمدرسة الألسن في عهدها الأول وعمل مترجماً في وزارة المعارف. درس القانون في فرنسا. اختير وزيراً للمعارف، فوزيراً للمواصلات، وانتخب رئيساً لمجلس النواب سنة 1931. وهو أول رئيس لمجمع اللغة العربية بالقاهرة 1933. وبقي يشغل هذا المنصب حتى وفات. اشتهر بشغفه بالأدب وكتابة الشعر ولاسيما قصائد المناسبات الرسمية.