إلى أين يذهب وكل أرض قد ملئت بالمفاسد والشرور؟ قبع في بيته، في سجنه الضيق، وأخذ يرسل صيحاته الصادقة في تصوير طباع البشر – طباع أولئك المسيطرين على دفة السياسة، المتربعين على دست الحكم وقد نسوا أمنيات شعبهم، ونسوا أولى واجباتهم كخدام للمصلحة العامة، فكانوا مطية الأهواء ومطية الشهوات دون أن يفكروا في المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم وهي خدمة الشعب وأنهم أجراؤه لا أسياده.
في الواقع، إن أبا العلاء اعتزل البشر، ولكن هل كان هذا الشيخ الوقور الذي يعتبر حكيم العصر وفيلسوفه بحق، بعيداً عما يمثل على مسرح البشرية؟ .. أبداً. إن عزلته لم تحصنه عن شكاوى الأفراد والجماعات، وكانت شخصيته الفذة تجتذب الناس على اختلاف طبقاتهم إلى سجنه المتواضع، يحل قضاياهم ومعضلاتهم.
سامي الكيالي
1898 - 1972
أديب وباحث من حلب رفد المكتبة العربية بعشرات الكتب والدراسات، رشحته منظمة اليونيسكو ليشغل منصب المستشار الثقافي فيها. شاعر مقل، يستند شعره إلى مرجعية ثقافية ثرية نجا به من تصنع شعر العلماء، فجاءت قصائده متماسكة، عذبة العبارة، وموسيقاه جميلة، وخياله مجبب. تقلد مناصب مختلفة إدارية وعلمية وثقافية، وهو أحد الأدباء العرب الذين عملوا على رفعة الأدب العربي. أطلق اسمه على مدرسة ومركز ثقافي في حلب.