نتبين أنه كان ابن زمنه وشاهداً على عصره، لكنه لم يكن شاهداً محايداً ولم يقف من سلبيات المجتمع وسوء تصرف الأفراد موقف المتفرج. وإنما وضع يده على مفاسد الناس ونفاقهم، وحاول إصلاحها بالتعنيف تارة واللين تارة أخرى. ووقف في وجه الظلم السياسي والاجتماعي، وجاهر بعداوته للمشعوذين، واعترض على رياء رجال الدين وتجاوزاتهم.
وإذا بدا المعري لنا متناقضاً ومضطرباً في أقواله وآرائه حول الحياة وحبها، والمرأة وغيرها من مظاهر الزهد عنده، إلا أنه ظل ملتزماً من حيث التطبيق والممارسة بما قال وبما ألزم نفسه من مجاهدات ومبالغات وقيود حتى وفاته، ليظهر تحديه وقوة إرادته، وليعلن أنه تزهد واعتزل رغم نوازعه الغريزية التي فطر عليها الإنسان.
جمانة طه
1941
كاتبة وقاصّة وروائية سوريّة وعضو جمعية البحوث والدراسات وأمينة مكتبة في اتحاد الإذاعات العربية.
حصلت على إجازة اللغة العربية في دمشق ولها كتاب موسوعة الأمثال الشعبية العربية – دراسة تاريخية مقارنة وتضمن دراسة تحليلية تتناول نشأة المثل ومعناه وتطوره التاريخي.