عشرة قرون. إن دقائق عشراً لفسحة من الزمان كافية لمحو عالم وخلق عالم، فكيف بقرون عشر؟ وكيف برجل تمر به القرون بمدها وجزرها، فتجرف الكثير من الذين سبقوه والذين عاصروه والذين جاؤوا بعده، ولا تقوى على جرفه، بل تحمله كمطية مطواع من فجر حول إلى فجر حول، من قلب جيل إلى قلب جيل؟ وهكذا يلف هذا الرجل الزمان ولا يلفه الزمان، و يطوي المكان ولا يطويه المكان.. هو الرجل الذي كان من أشد الناس تبرماً بالزمان والمكان.

بعد أعوام يغيب أبو العلاء في رمسه. أما “غير مجد” فتشرق أبياتها بنور ما يزال يتهادى على أسنمة السنين، واصلاً قطراً بقطر وجيلاً بجيل. ولن يخبو هذا النور حتى تخلو الأرض من القبور.

لعل من اختارته الحياة إناء لمثل هذا النور ما يزال – من بعد ألف سنة – ناقماً على الحياة، وفي ريبة من أن الإنسان أبقى من الزمان وأوسع من المكان.

ميخائيل نعيمة

1889- 1988

مفكر وشاعر وقاض وناقد وكاتب مقال ومسرحي ومتأمل في الحياة والنفس الإنسانية. هو واحد من الجيل الذي قاد النهضة الفكرية والثقافية وأحدث اليقظة في الأدب العربي وقاد إلى التجديد. درس في جامعات الولايات المتحدة الأميركية وحصل على إجازتين في الحقوق وفي الآداب.
أسس مع جبران خليل جبران وعدد من الأدباء المهجريين الرابطة القلمية بتقديم الأدب العربي الحديث والمتجدد، أصدر كتابين حول مسيرة حياة الأديب جبران خليل جبران وتعددت أعماله بين الشعر والقصص والروايات والمقالات والمسرح والنقد. له مكانة محفوظة في عالم الفكر والأدب محلياً وعالمياً.

المزيد من قيل في المعري

  • نبذة عن ابراهيم مصطفى

    قال ابراهيم مصطفى

    كتب لأبي العلاء المعري صنوفاَ من المجد العلمي. كان عالماً لغوياً فكان هذا أبين مجد له وأشرقه. ومذ كان أبو العلاء بهر الناس علمه باللغة وتصرفه فيها وإحاطته بعلومها ولم يتعلق عليه في هذا متعلق. وأستطيع الآن أن أقرر مطمئناً أن أبا العلاء كان عالماً بالنحو وأن أقرر – كذلك- [...]

    المزيد..
  • نبذة عن سامي الكيالي

    قال سامي الكيالي

    إلى أين يذهب وكل أرض قد ملئت بالمفاسد والشرور؟ قبع في بيته، في سجنه الضيق، وأخذ يرسل صيحاته الصادقة في تصوير طباع البشر – طباع أولئك المسيطرين على دفة السياسة، المتربعين على دست الحكم وقد نسوا أمنيات شعبهم، ونسوا أولى واجباتهم كخدام للمصلحة العامة، فكانوا مطية الأهواء ومطية الشهوات دون [...]

    المزيد..
  • نبذة عن شعيب خلف

    قال شعيب خلف

    استطاع أبو العلاء أن يدرك العالم المحيط به، العالم الذي يحسه ولا يراه، والعالم الذي لا يحسه، لكنه لا يراه، إنه يقوم بمهنة صناعته، وما أصعبها مهنة، لكن كم هي محببة لدى صاحبها، لقد استطاع أبو العلاء أن يحدد في شعره المعالم غير المحددة للعالم. استطاع أن يبحث في علم [...]

    المزيد..