جدد المعري الصلة بين الفضيلة والجمال وبين الحق والحسن. وكان الناس في عصره يرون أن الإنسان علة المخلوقات والكون ومرئياته، فأبان المعري عن ضآلة الإنسان في الكون كما تفعل نواحي التفكير الحديثة، وقال المعري بسنة تطور الأمم واضمحلالها وفنائها.. وقال بتحكيم العقل كما قال فلاسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر ومن أتى بعدهم… وكل هذه الأقوال وأمثالها لم تكن من الآراء الشائعة المعتقدة كما هي شائعة الآن.. فلا غرابة إذا قيل أنه كان سابقاً لعصره والحقيقة أن كل مفكر يرتفع عن مستوى جمهور عصره يكون من أجل ذلك سابقاً لعصره… تلك الفوضى السياسية التي سادت عصره وما صحبها من طغيان تفسر لنا نزعته التي تشبه الديمقراطية الحديثة والتي تدل على ضياع الثقة بالنظام الحكومي الذي كان يعد السلطان فيه ظل الله في أرضه…
ارتفع المعري عن مستوى التفكير والشعور السائد في جماهير عصره، ولو أنه كان متأثراً بعصره صادقاً في قوله: “غدوت ابن وقتي”.
عبد الرحمن شكري
1886 - 1958م
شاعر مصري يعتبر من رواد الأدب العربي الحديث، ومفكراً أصيلاً حريصاً على اللغة العربية الفصحى. ولد في أسوان ونشأ فيها، التحق بمدرسة الحقوق في القاهرة، لكنه فصل منها بسبب نشاطه السياسي ضد الاستعمار البريطاني. تخرج من مدرسة المعلمين العليا، وابتُعِث إلى انكلترا فدرس خلال ثلاث سنوات الاقتصاد والاجتماع والتاريخ والفلسفة.
لعبت آراؤه النقدية دوراً كبيراً في نهضة الأدب العربي الحديث، ووجهته نحو التجديد البناء.