استطاع أبو العلاء أن يدرك العالم المحيط به، العالم الذي يحسه ولا يراه، والعالم الذي لا يحسه، لكنه لا يراه، إنه يقوم بمهنة صناعته، وما أصعبها مهنة، لكن كم هي محببة لدى صاحبها، لقد استطاع أبو العلاء أن يحدد في شعره المعالم غير المحددة للعالم. استطاع أن يبحث في علم الماهيات، بحسه مرة وبملكاته مرات.ومن هنا أرى أن الاستعارة في شعر أبي العلاء مزيج بين نشاط العقل والمخيلة التي هي مزيج بين الإلهام والطبع، بالمعنى النقدي القديم. وربما يكون هذا التمازج صاحب الدور الأكبر في إنتاج فلسفة أبي العلاء الشعرية، لكن هذا الأمر سيجد معارضة بين من يفصل بين الفلسفة والشعر فمنهم من يرى أن الخاصية التي تميز الشعر تفصله بالتأكيد عن العلم وتميزه عن الفلسفة، وذلك من زاويتين، تتصل الأولى بطبيعة المادة التي يتشكل منها الشعر فيتميز عن العلم والفلسفة، وتتصل الثانية بالأثر الذي تحدثه المادة الشعرية بعد تشكيلها.
شعيب خلف
باحث وكاتب مصري، مدير عام ثقافة المنيا الحالي. حصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة عين شمس وهو عضو اتحاد كتاب مصر وعضو الأمانة العامة لأدباء مصر.