معالم الجنة التي يصفها المعري في رحلة ابن القارح إلى العالم الآخر هي في صورتها العامة المعالم الموصوفة في التراث الديني وفي التراث الإنساني معاً، ومثلها أيضاً معالم الجحيم في صورتها العامة. ففي الفردوس هناك الرياض ذات الظلال الوافرة والفاكهة الشهية والطير الجميل، تخترقها أنهار الماء واللبن والخمر والعسل، وتسكنها الحور والولدان، وتكثر فيها العيون والينابيع، وهي تزخر بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة. ولكن رغم تشابه وصف المعري للجنة في صورتها العامة مع ما جاء في المصادر الإسلامية نجد المعري يضيف تفاصيل في وصف الجنة ومثلها في وصف الجحيم لا نجد لها أثراً في المصادر الإسلامية. وبعض هذه التفاصيل نستطيع أن نقول أنه ثمر للإبتكار الشخصي لإنه مجرد نسج للخصوصيات على العموميات الواردة في الأدب الديني ولكن بعضه الآخر، وهو هام وكثير، لا سبيل إلى تفسيره إلا بافتراض إطلاع المعري على ألوان من التراث الأجنبي.
لويس عوض
1915 - 1990
مفكر ومؤلف ومترجم وناقد ومؤرخ مصري بارز، نال الدكتوراه وعمل معيداً في التدريس حتى أصبح رئيس القسم الإنجليزي في الجامعة. ركز على الدور النقدي للمثقف، ومحاربة تجميد الفكر وتقديس ماضي الثقافة العربية. أشرف على القسم الأدبي في جريدة الجمهورية. تقلد مناصب متعددة وحصل على جوائز وأوسمة عديدة.