إن حب الحقيقة دعا أبا العلاء إلى إنكار ما لم يوافق من المذاهب والآراء والمعتقدات عقله فلا عجب أن يدعوه مزاجه الحساس النبيل وحبه العدل إلى ترك ما لم يرض من اللذائذ والمسرات وجدانه.
وعلى كل حال وأيا كان السبب الذي أهاب بحكيم المعرة إلى التزام حياة العزلة والتقشف فمما لا يقبل الجدل أن أبا العلاء قطب من أقطاب الفكر والفضل والأدب وركن من أركان الثقافة والعدل والرحمة وإنه إذا جاز للغربيين ولبعض مواطني اللبنانيين المصابين بهوس الاستغراب أن يفخروا بالأعصر الحديثة ويدعوها بأزمنة النور فإن من حقنا أن نمجد أبا العلاء وأن ندعو مفكرنا العربي الأعمى بالضياء بل بالشمس طلعت من معرة النعمان فأضاءت الشرق والغرب بأشعتها النقية الخالدة خلود الفكر.
عارف العارف
1891 - 1973
صحفي ومؤلف ومؤرخ وسياسي فلسطيني من عائلة مقدسية، درس في استانبول وحصل على شهادات في الإدارة والسياسة والاقتصاد. حرّر أول صحيفة وطنية فلسطينية (جريدة سوريا الجنوبية) في القدس 1919. أصبح رئيس بلدية القدس عام 1950. وفي عام 1963 عين مديرا لمتحف روكفلر في القدس.
له مؤلفات عدة أهمها كتاب (نكبة فلسطين والفردوس المفقود) في خمسة مجلدات ويعتبر من أهم المراجع وأوثقها فيما يخص القضية الفلسطينية. واتسمت عموم كتاباته التاريخية الغزيرة بالدقة والموضوعية.