تخيل المنفلوطي أن المعري قد عاد إلى الحياة، فأخذ ينقد مساوئها ويعيب نقائصها، ويبدي آراءه في أوضاعها.

“ما كنت أجهل قبل اليوم رأي الشيخ في الطعام وما يحب وما يكره، ولكنني ظننت أنه بعث بطبيعة غير طبيعته ورأي غير رأيه، فقدمت إليه طعام العشاء دجاجات ربلات كنت أعددتهن للضيفان من قبل، فلما أخذ بصره المائدة صار ينظر إليها مرة وإلي أخرى ثم قال:

  • أما سمعت الدجاجات يقلن شيئاً عندما أردت ذبحهن؟ 
  • قلت: لا يا مولاي ومتى قلن للناس شيئاً فيقلن لي؟ 

فنظر إلي نظرة شزراء لا أنسى سهمها الواقع في قلبي ما حييت ثم قال: 

أما لو أن الله منح ذابح الدجاجة من نور البصيرة ما منحه من نور البصر لسمعها تقول له: مهلاً رويداً أيها القاتل السفاك.. أنا صاحبة الحق المطلق في حياتي وأنا لا أريد أن أموت ولا رغبة لي في فراق الحياة لأن ورائي أفراخاً صغاراً هنّ إلى حياتي أحوج من مماتي.. أنت لا تملك أن تعطيني الحياة فلا تملك أن تسلبني إياها.

مصطفى لطفي المنفلوطي

1876- 1914م

نابغة مصري في الإنشاء والأدب، تفرد بأسلوب أدبي فذ، وصياغة عربية في غاية الجمال والروعة، كما نظم الشعر في رقة وعذوبة، ويعتبر العديد من النقاد كتابيه «النظرات» و«العبرات» من أبلغ ما كُتب بالعربية في العصر الحديث.تفرغ لدراسة أعلام الأدب القديم، وكون لنفسه أسلوباً خاصاً يتمتع بحس مرهف، وذوق رفيع، وملكة فريدة في التعبير عن المعنى الإنساني من خلال اللغة، فجاءت كتابته رفيعة الأسلوب، أصيلة البيان، فصيحة المعنى، غنية الثقافة، ندر أن نجد لها مثيلًا في الأدب العربي الحديث.

المزيد من قيل في المعري

  • نبذة عن إبراهيم السامرائي

    قال إبراهيم السامرائي

    اشتهر المعري شاعراً مفلقاً تسمعه فتطرب لعبارته.. ثم يأتيك المعري حكيماً في شعره بما كان له من نظر في الناس وما كان يراه في الوجود وما توحيه إليه نظراته إلى الدنيا والآخرة فتجد فيه الفكر المتفلسف الحكيم.. نجد المعري في ما كان له من المعارف الواسعة "العميقة" الأصول عالماً متبحراً [...]

    المزيد..
  • نبذة عن عبد العزيز الميمني

    قال عبد العزيز الميمني

    هب أنك زرت المعرة فرأيت في زاوية من بيت رجلاً قصيراً مجدَّر الوجه مشوَّهه نحيلاً وقد تخدد جلدهُ وتغضَّنَ جالساً على لِبْدَة أو بارية وهو في بُرْجُد في الشتاء أو في عباءة في الصيف، ولست ترى في البيت من الأثاث أو الرياش شيئاً غير عُصيَّة له أو آنية من الفخار [...]

    المزيد..
  • نبذة عن محمد أمين حسونة

    قال محمد أمين حسونة

    زار ضريح المعري فريق من المفكرين وعلماء المشرقيات وفي مقدمتهم المستشرق ماسينيون الذي أسف للحالة المزرية التي وجد عليها، و ود لو كان في وسعه أن ينقل رفاته إلى "البانتيون" في باريس ليرقد إلى جوار زملائه من جبابرة الفكر الإنساني، وما أن عاد إلى باريس في شتاء عام 1938 حتى [...]

    المزيد..