قطع رأس المعري استهداف للهوية التاريخية
جورج كدر
روائي وإعلامي سوري
هل يوجد حدث جلل أبرز من استهداف الهوية الحضارية والتاريخية لسوريا وتمزيقها بين مخالب وأنياب الديكتاتورية والتطرف؟..
هل يوجد حدث أبرز من استهداف الآثار السورية وعمليات التدمير والنهب والسلب لهذا التراث والتنقيبات العشوائية وبيعها في السوق السوداء عبر شبكات المافيا التركية ومنها إلى السوق السوداء في العالم؟..
واحدة من أهم الأحداث الثقافية في العام 2013 هو قطع رأس تمثال أبي العلاء المعري في مسقط رأسه بمعرة النعمان، جريمة قطع رأس تمثال أبي العلاء كان في مطلع شباط/ فبراير من العام 2013 وهو الذي ترافق بصعود مثير للجدل للتطرف الديني وابتلاع عناصر القاعدة بشقيها “داعش وجبهة النصرة” للمشهد الثوري في سوريا وتحويله صراحة من ثورة حرية وكرامة إلى ثورة متطرفة تخدم أهدافهم وأيديولوجيتهم الفكرية وللأسف هذه الحالة لم تخلق عبثا فقد شارك مثقفون وناشطون في تبرير وجود بعض هذه العناصر في جسم الثورة إلى أن انتشروا كالسرطان فيه وقضوا عليه..
جريمة قطع رأس أبي العلاء المعري في مسقط رأسه كان قطيعة مع التيار الفكري الذي يمثله هذا الرمز الثقافي والفكري وإعلانا للحرب عليهم وهو ما أثبتته الأيام التالية لتتضح الرؤية اليوم أكثر فأكثر عن مشهد فكري سوري متشح بالسواد، لا مكان فيه لأصحاب القلم وإنما لأصحاب البندقية والسيوف.