“الصــــــــاهـل والشـــــــاحـج” لأبي العلاء المعري

نبذة عن الكتاب

يُعدّ كتاب “الصاهل والشاحج” من أشهر رسائل أبي العلاء المعري الأدبية في عصره. ومن مظاهر عناية العلماء والأدباء بكتاب “الصاهل والشاحج” ما ذكره ابن العديم الحلبي  أنّ هذا الكتاب كان مما وقفه ابن عمار صاحب طرابلس سنة (472هـ – 1079م) على دار العلم بطرابلس، وكذلك فقد أثبته ابن خير الإشبيلي في مروياته، وذكره ياقوت الحموي فيما سلِمَ إلى وقته من الضياع من آثار أبي العلاء، وعدّه القفطي فيما رآه بعينه من كتب أبي العلاء التي سلمت من حملات المحتلّين، وعارَض الكتابَ الوزيرُ الكلاعي في كتابٍ سماه: (الساجعة والغربيب)، وذكره الذهبي في التاريخ، والصفدي في الوافي، والمقري في نفح الطيب. ولكنه بعد ذلك طُوِيَ ذِكْرُه في غيابة الزمن، فلم نعد نسمع له ذكراً منذ أواسط القرن 11 الهجري.

وللكتاب نسختين محفوظتين في خزانة الرباط، كتبت الأولى منهما لخزانة أبي زكريا الحفصي سنة (638هـ 1240م) والثانية حضرمية الأصل، كتبت سنة (697هـ 1298م) وقد طُبع الكتاب أكثر من طبعة، منها طبعة بتحقيق د. عائشة عبد الرحمن.
لقد ألّف أبو العلاء كتابه هذا لعزيز الدولة أبي شجاع: عامِل الفاطميين على حلَب، بطلبٍ من أبناء أخيه يلتمسون منه التوسّط لدى عزيز الدولة في أنْ يضع عنهم ما فرضه الجُباة، وذلك أثناء جفلة أهل حلب من طاغية الروم باسيل عام (411هـ 1020م)، وفرغ من كتابته سنة (412هـ 1021م) كما أفادت محققة الكتاب.
أما معنى “الصاهل والشاحج” فهو: الفرس والبغل. فقد وضع أبو العلاء كتابه هذا على لسان فرَسٍ وبَغْلٍ، في قصّة أدبيّة متخيَّلة. وقيل إنّ عنوانه مستعار من قول أبي بكر الصابوني: (شوقي إلى الصاهل والشاحج = شوقك للساقي و للمازج  أو رشأ يصبيك من عطفه = ورد المجتمع وأوضاعه وطبقاته حين تسقط عنه أقنعته من شدة الخوف.
وعمد المعري في “الصاهل والشاحج” إلى أسلوبٍ فذّ في تضمين نصوصِ الكتابِ خلاصةَ ملاحظاته في علْمَي العَروض والقَافية، بحيث يمكن أن يُستخرَج منه كتابٌ حافلٌ بمصطلحات العَروض وغرائب الأوزان، كل هذا دون أن يخرج عن موضوع الكتاب الذي ينتظم أبحاثه.
قال ابن العديم الحلبي: “ونحا فيه منحى ابن دريد في كتابه (الملاحن) وابن فارس في كتابه: (فتيا فقيه العرب)”.

من ميزات هذا الكتاب التي تدل على أنه ثروة علمية لغوية أدبية: أنه يضم (1552) شاهداً شعرياً. ويختلف كتاب “الصاهل والشاحج” عن كتاب “كليلة ودمنة” بأنه قصّة واحدة مترابطة الفصول والمشاهِد، نال فيه أبو العلاء من مكانة “كليلة ودمنة” بما أورده من القصص التي تحدّث بها العرب القدماء على ألسنة الحيوانات، كقصيدة النابغة الذبياني (حية ذات الصفا) وقصة (الديك والغراب) في شعر أمية بن أبي الصلت، و(دالية) أبي صخر الهذلي في بكاء أخيه تليد.

عن البوابة